تخيل معي أخي الكريم أنك تطالع نشرة الأخبار هذا المساء على شاشة التلفاز، وأن حصيلة النشرة كلها أخبار سارة ومفرحة وإيجابية، تتحدث عن تغلب على المشاكل ونجاة وفوز و و ،
هل ستقبل بحقيقة أن هذه هي فعلاً أخبار العالم؟؟
أم سيساورك شك بأن هناك الكثير من الأخبار التي لم تتضمنها هذه النشرة؟؟؟
في المقابل تخيلت نفسك أخي الكريم في مجلس أحد الفضلاء وقد قدم إليك سلة ملأى بأطيب الحلويات المختلفة!!
فكيف ستختار من بينها؟
وعلى أي أساس أو قاعدة ستبني اختيارك؟
ما ينبغي أن ندركه أن الأخبار التي نقرأها ونشاهدها ونسمع بها - إذا سلمنا بصحتها وسلامة صياغتها - هي مجموعة أو سلة قام بانتقائها شخص أو مجموعة أشخاص لعرضوها علينا نحن المشاهدين أو المتابعين بطريقة ما وأعدّو ما يعززها من مشاهد وتقارير.
إذن وباختصار هي لا تمثل ما يحصل فعلياً في العالم بقدر ما تمثل ما اختاره المعد من بين الأخبار السلبية والسيئة في العالم، وبنطرته هو أو فكره هو.
فحتى الخبر السئ والسلبي يحمل في طياته خبراً سعيداً وإيجابياً يحتاج إلى أن ننظر إليه.
فمثلاً وقوع زلزال في أحد المدن ووفاة عشرة آلاف من بين سكان المدينة رغم الحزن والألم الذي ينقله لنا هذا الخبر إلا أنه يقول لنا في نفس الوقت أن هناك مئات الآلاف من سكان المدينة نجو من هذا الحادث.
إذن علينا أن نحكّم أنفسنا في عملية الاختيار فيما يتعلق بالأخبار تماماً كما نفعل حين نختار من بين الأطباق التي نراها في البوفيه أو من بين الحلويات في السلة التي يقدمها المضيف لنا،
فنحن بهذا نخفف من كمية الألم والنظرة السلبية للحياة من حولنا ومقدرتنا على مواكبتها.
وذلك بالطبع لا يكفي لوحده لأن مجرد متابعة الأخبار بشكل دوري يخزّن صوراً ومفاهيم في عقلنا اللاواعي تجعلنا نشعر بالتعاسة أو ربما بالخوف و القلق دون أن نجد سبباً منطقياً يبرر هذا الشعور أو ذاك.
العنف بكل صوره وأشكاله، هل هو فعلاً أكثر مما كان عليه بالأمس؟؟
أم أننا صرنا نشاهده اليوم بصفة أكثر؟.
الحالات التي تسجل حول العالم هل هي دليل على انتشاره وكثرته، أم دليل على وعي الضحايا بشكل أكبر!!
لو سلمنا للخيار الأول فإننا حتماً سنشعر بالضيق والحزن، ولكن لو سلمنا للخيار الثاني سنشعر حتماً بشعور إيجابي لأن هناك وعي بين الشعوب لمكافحة هذه الظاهرة أو تلك.
إذن لو سألنا السؤال الكبير هنا وقلنا:
هل لا يزال العالم مكاناً صالحاً للعيش؟
فكيف سيكون جوابك على هذا السؤال؟؟
إن أنت ملأت وعيك ولا وعيك بالصور السلبية فسيكون الجواب لا،
وإن أنت رأيت وشعرت بالإيجابية في قلب السلبية فحتماً ستجيب بـ نعم.
أيضاً في مواقف كثيرة نجد أننا أكثر استعداداً لتقبل النقد والانتقاد من تلقي الثناء والمديح حتى أن أحدنا يشك في نفسه أو في محدثه إذا كان السياق العام للحديث فيه مديح له، أو ثناء على سلوكه أو فكره.
تذكر أخي الفاضل / أختي الفاضلة أنك أكثر قدرة على الإبداع حين تكون مكتئباً، وهذه حقيقة قد لا يدركهت إلا القليل، وهذا ما نعنيه حين نقول أن أكثر الأمور سلبية تحمل في داخلها الكثير من الإيجابية.
ختاماً أكرر مبدأ صرت اؤمن به يقيناً وهو:
كما تنظر إليها تراها، وكما تراها تشعر بها، وكما تشعر بها تستجيب لها