• ×

أنشر تؤزر

زيادة حجم الخط مسح إنقاص حجم الخط
 ثقافة النشر والتمرير تحدث عنها دعاة ومثقفون ومفكرون. ومع حمّى السباق الإعلامي المفتوح والسعي وراء تحقيق الأسبقية أو تحقيق مركز متقدم بين الجماهير والمتابعين، نجد اللهث وراءها ينتشر انتشار النار في الهشيم، ولعل من أبرز وأشهر الساحات التي تنتشر فيها ظاهرة التمرير والنشر؛ الانترنت ممثلة في المواقع الحوارية والإخبارية والرسائل الإلكترونية، والاتصالات اللاسلكية ممثلة في الرسائل النصية والرسائل متعددة الوسائط، وأي وسيلة تواصل اجتماعية حديثة أخرى.

فضائح وأسرار،

إشاعات ترتدي زي الأخبار،

وغيرها وغيرها تتصدر عناوين هنا وهناك، ونحن نسارع في الركوب مع الأداة الإعلامية لندخل السباق فيرسلها كل منّا لقائمته بغية تسجيل سبق إعلامي أو ما شابه، أو لمآرب أخرى.

طرفان يتنافسان تجارياً أو رياضياً أو ربما اجتماعياً، فيُظهر كل منهما سلبيات منافسة، أو يختلق أخباراً مكذوبة عنه، وبدلاً من أن يصرف وقته وجهده وماله في تحسين صورته هو وإبراز إيجابياته وتطويرها، نجده يبذلها رخيصة في تشويه صورة المنافس والتقليل من شأنه،

بالطبع هو يستعين بعشرات الآلاف الذين يجيدون العمل في هذا المجال تطوعاً ودون المطالبة بأجر، فينشرون لهذا وينشرون لذاك دون أي تفكير في حقيقة ما يساهمون رضا وتطوعاً في نشره.

خبر فيه قذف واتهام بالباطل لشخص بعينه حيث يحدد هذا الشخص بالاسم "فضيحة فلان مع فلان" أو الأدهى "فضيحة فلانة بالصور"، وينتشر الخبر ويا ترى كم من الوزر يناله من أنشأ الخبر أولاً وكل من ساهم في عملية النشر والتمرير؟؟

والأدهى من ذلك وأمر الرسائل والمواضيع التي تُنسب للدين عنوة وقسراً، فهذا حديث مكذوب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذاك يتحدث عن معجزات تنافس معجزات الأنبياء تحصل في وقتنا الحالي، وآخر ورابع وعاشر، ونحن بكل طيبة وحسن نية نساهم في نشرها ونسئ لحبيبنا صلى الله عليه وسلم الذي نطالب بمقاطعة كل من فكّر في الإساءة إليه ولا ندرك أننا بفعلنا هذا أكثر من يسئ إليه.

رسائل يذيلها من أنشأها بعبارة تستحثنا لفعل ما يريدنا أن نفعله "أنشر تؤجر" ، "لا تجعلها تموت هنا" ، "أمانة في عنقك ستحاسب عنها يوم الدين" ، وغيرها من العبارات التي تجعلنا وكما أسلفت من دون وعي منّا نفعل ما أُريد لنا أن نفعله.

بل إن من العجائب التي نفعلها بحسن نية ودون تثبت وتأكد أننا نساهم في التصويت ضد الإسلام والقرآن، فبخدعة بسيطة يقوم بها أعداء الدين ويروجون لها في المواقع العربية ويوهمون القارئ بأن التصويت ضد منع القرآن أو الحجاب بينما هو تصويت لمنع الحجاب أو منع نشر أي شئ له علاقة بالإسلام في دولة ما، ونتراكض ونتواصى بالتصويت،

وأحياناً تأتيك وصية بالتصويت لحظر موقع ما، أو لحذف مقطع على أحد المواقع، ونتسابق في ذلك ولا ندرك أننا لو أغلقنا موقعاً أو حذفنا مقطعاً فإن هنا الآلاف غيره، فهل نترك الركض وراء القش ونتمسك بالأقوى والأثبت؟

إضافة إلى أننا وبهذا التواصي نقوم بعملية دعائية مجانية لموقع أو مؤسسة أو شركة وبدون مقابل فينتشر اسمها أو علامتها التجارية ويعرفها عشرات الآلاف ببركة ما نقوم به من نشر وتمرير.

نتسابق على تصديق ونشر رسائل وأخبار هدفها نشر الرذيلة والإساءة لوطننا ولمجتمعنا وقد سخرت لها الأموال والجهود، ونحن نجعلها أسهل عليهم مما يتوقعون بنشرها.

المواقف التي تبين كم هي ضحلة ثقافة النشر والتمرير لدينا كمجتمع كثيرة وليس المجال هنا للتحدث عنها وعن تفاصيلها بقدر ما هو توجيه رسالة بالوعي والانتباه لما يحصل حولنا والتذكير بما قاله النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: (كفى بالمرء كذباً أن يحدث بكل ما سمع).

فأيها الكرام تنبهوا لكل ما يصل إلى هواتفكم النقالة وصناديق الوارد الإلكترونية لديكم، وأيضاً لما تقرؤونه في المواقع والمنتديات والمدونات وغيرها، وما تسمعونه في المجالس أيضا.

فليس كل ما ترونه وستمعون به حقيقة وتذكروا الحديث الشريف الذي أشرنا إليه.

التثبت والبحث والتقصي أمر مهم، وهو يساعدك على تقوية ثقتك بنفسك وتوسيع مداركك الفكرية والعلمية أيضاً فأنت لا تقبل إلا بأمر موثق وله مصادره الرسمية وليس مجرد رسالة لا تعلم عن مصدرها إلا عبارة "ثقة".
هناك مثل إنجليزي شهير يقول:

"الطريق إلى جهنم محفوف بالنوايا الحسنة"

فلا تكفي نوايانا الحسنة ورغبتنا في الخير لتكون دافعنا الأول والوحيد لنشر مثل هذه الرسائل وغيرها بل علينا التريث والبحث والسؤال ومتى تبين لنا منفعتها وصحة مصدرها فلنقم بنشرها لننال الخير والأجر.

لست هنا أدعو لرفض أي رسالة أو موضوع يرد إليك أخي القارئ / أختي القارئة، وإنما هي دعوة فقط للبحث قليلاً والتأكد حتى تكون لك بصمتك الواضحة في أي طريق تسير فيه، حتى لا ينطبق علينا قوله تعالى: ((قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً{103} الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً)).

29/03/2009
بواسطة : admin
 0  0  1858
جميع الأوقات بتوقيت جرينتش +3 ساعات. الوقت الآن هو 09:50 مساءً الجمعة 26 أبريل 2024.